نظرة موجزة على نظام المعاملات المدنية الجديد

16014286421671961598

يعد نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 29/11/1444هـ وقرار مجلس الوزراء رقم (820) وتاريخ 24/11/1444هـ، نقطة تحوّل رئيسية في مسيرة التشريعات السعودية خلال الفترة الأخيرة. إنه إنجاز قانوني بارز يأتي ليواجه تحديات المجتمع الشاملة، خاصة تلك المتعلقة بالمسائل المدنية، ويضع حلاً للقضايا المترتبة على العقود والعلاقات التعاقدية. وقد دخل هذا النظام حيز التنفيذ حديثا.

يعتبر هذا النظام الذي يستند في أحكامه وقواعده إلى أحكام الشريعة الإسلامية وقوانين العدالة، ثالث القوانين التخصصية التي تصدر في المملكة، ويمثل تحول جوهري في إدارة العدالة، إذ يسهم في تحديث وتطوير أساليب وإجراءات العمل القضائي، حيث يعتمد على تقنيات ومناهج جديدة لإدارة الدعاوى واتخاذ القرارات القضائية. كما يلعب دورا مهم في تطوير القطاع القضائي بشكل شامل، مما يعزز ثقة المواطنين في نظام العدالة والقضاء في الوطن.

كما يساهم النظام بشكل فعّال في تسريع وتسهيل الإجراءات المتعلقة بالعلاقات التعاقدية، وفي تنظيم العلاقات بين المتعاقدين، بالإضافة إلى تعزيز الثقة أيضًا في البيئة الاستثمارية، ويشكل دعمًا قويًا للعلاقات التجارية والاستثمار في المملكة.

ولأن نظام المعاملات المدنية يمثل أحد أهم الأنظمة، يجب الفهم الكامل لقواعده وأحكامه. لذا، حرصنا أن يسهم هذا المقال في إلقاء الضوء على أهم جوانب هذا النظام، مسلّطًا الضوء على التفاصيل التي تنقل رؤية المملكة لتحقيق أهدافها في عام 2030م.

تحليل قانوني لأبرز المواد الصادرة في نظام المعاملات المدنية

يتألف نظام المعاملات المدنية من 721 مادة، تنبثق كلها لترسم لوحة استقرار حقوقي يعزز الاستثمار بشكل فعّال. يبرز في هذا النظام الجديد تحديد مصادر الالتزام ومن بينها العقد الذي يظهر بمكانة مرموقة بموجب المادة الحادية والثلاثين، حيث يربط الإيجاب بالقبول لخلق تأثير نظامي فعال. إلى جانب توضيح أركان العقد وأنواعه، يقوم النظام أيضًا بفصل مواضيع تتعلق بآثاره وحالات انقضائه، بجانب فحص حالات فسخه أو انفساخه. كما يظهر من خلال نظام المعاملات المدنية، وباستناد إلى مقتضيات المادة الخامسة عشرة بعد المائة، أن التصرف بإرادة فردية يمثل مصدرًا آخر للالتزام، ويكون هذا الالتزام جائزًا في السياق الذي يحدده الإطار القانوني.

الفعل الضار، هو من بين المنابت التي تُلقي بظلالها في المصادر التي ينتج عنها الالتزام، ففي المادة العشرين بعد المائة من نظام المعاملات المدنية، أوضحت أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يُلزم من ارتكبه بالتعويض.. وفي هذا السياق، نثر النظام بيانات حول الأذى الواقع على الممتلكات أو الذات، وحدد قواعد التقدير لكمّ التعويض الواجب للمتضرر.

وبالإضافة إلى ذلك، يأتي مفهوم الإثراء بلا سبب ليثبت وجود مصدر آخر للالتزام. ففي المادة الرابعة والأربعين بعد المائة، أشارت إلى أن أي فرد، ولو كان غير مميز، يثري بلا سبب مشروع على حساب فرد آخر، يجب عليه تعويض هذا الفرد عن الخسائر التي أصابته. وتظل هذه الالتزامات سارية، حتى وإن تلاشى الإثراء لاحقًا، كما أكدت المادة الستون بعد المائة من نظام المعاملات المدنية، أن الالتزامات التي تنبثق مباشرةً من النظام نفسه تخضع لقواعده ونصوصه التي أنشأها.

وفي سياق العقود المسماة، يسلط النظام الضوء على التفاصيل الواردة في عقود الملكية، مثل عقد البيع الذي يمنح فيه البائع الملكية للمشتري مقابل تمويل نقدي. كما يُلقي الضوء على عقد المقايضة الذي يتيح مبادلة مال بمال بغية التملك، وعقد الهبة الذي يمنح فيه الواهب مالًا دون مقابل. ويتعامل النظام أيضًا مع عقد القرض وعقد الصلح الذي يحسم أي نزاع.

وفيما يتعلق بعقود المنفعة، يشمل النظام على أحكام لعقد الإيجار، الذي بموجب المادة السابعة بعد الأربعمائة، يُمكن بمقتضاه المؤجر المستأجر من الانتفاع مدةً معينةً بشيء غير قابل للاستهلاك مقابل أجرة، وعقد الإعارة الذي بموجب المادة الحادية والخمسين بعد الأربعمائة، يمكِّن بمقتضاه المعيرُ المستعيرَ من الانتفاع بشيءٍ غير قابل للاستهلاك مدةً معينةً أو لغرضٍ معينٍ دون عوضٍ على أن يرده. ويتعامل النظام أيضًا مع عقود العمل، مثل عقد المقاولة وعقد الوكالة.

كما يلقي النظام الأضواء على الحقوق العينية، حيث يشمل النظام أحكامًا تتعلق بحقوق الملكية، مثل توضيح القيود على الملكية وتوزيع الملكية المشتركة. يبرز النظام أيضًا حقوق الانتفاع وحقوق الارتفاق، مع تحديد أنواعها وأحكامها.

وفي ختام هذا المقال، يسر مكتب المحامي عبدالله بن سعود العتيبي للمحاماة والاستشارات القانونية أن يكون مصدرك الموثوق للمعلومات القانونية. لذا، لا تتردد في التواصل معنا للمزيد من المعلومات حول نظام المعاملات المدنية أو أي جانب آخر من جوانب التشريعات القانونية.

تواصل معنا:

شارك هذا المنشور

Scroll to Top